بدأت شركات خليجية بتوجيه استثماراتها الزراعية نحو بلدان أوروبية بفعل الصعوبات التي واجهتها مشروعاتها في دول أفريقية فقيرة، حيث لاقت نوعا من الغضب في الأوساط المحلية، ومن هذه الشركات شركة الظهرة الإماراتية التي اشترت في مارس/آذار الماضي ثماني شركات زراعية في صربيا بما قيمته 400 مليون دولار، ويعد هذ البلد الأوروبي مُصدرا رئيسيا للغذاء، كما أن الرأي العام فيه أقل حساسية تجاه حيازة الأجانب لأراض زراعية.

ورغم أن المشروعات في أوروبا أو أميركا الشمالية أو أستراليا وآسيا تظل أعلى كلفة ولا تتيح ملكيات كبيرة للأرض مقارنة بالقارة الأفريقية فإن تلك المشروعات لا تنطوي على مشكلات سياسية وهي أقل مخاطر بالنسبة للإمارات أو السعودية أو الكويت التي تحتاج لتأمين الحاجيات الغذائية لسكانها المتزايدة أعدادهم.

وتعتمد دول الخليج العربي على المستوردات لتأمين غذائها بنسبة تتراوح بين 80% و90%، وهو ما دفعها لضخ أموال ضخمة لشراء عشرات آلاف الهكتارات من الأراضي الرخيصة في دول نامية ولا سيما في القارة الأفريقية، وذلك سعيا إلى ضمان وصول مباشر لمحاصيل زراعية كبيرة وتفادي التقلبات في أسعار الغذاء بالأسواق العالمية.

عوامل سلبية

غير أن التجربة أظهرت أن هذه المشروعات تواجه مشاكل، فقد وجهت لبعض تلك المشروعات بأفريقيا تهم مفادها أن المستثمرين العرب يتملكون ضيعات يفترض أن تطعم السكان المحليين، كما أن الظروف الأمنية السيئة وضعف البنية التحتية أضرت ببعض المشاريع الزراعية الخليجية في أفريقيا.

وقد شرعت الدول الخليجية في الاستثمار بكثافة في شراء أراض زراعية في الخارج منذ العام 2008، وذلك بعدما أدت سوء الظروف المناخية في كبريات الدول المنتجة للأغذية إلى زيادة استعمال الوقود الحيوي وتقليص بعض الحكومات صادراتها الزراعية وهو ما دفع أسعار العقود الآجلة للحبوب إلى الارتفاع بشدة.

وفي الوقت نفسه نفذت مشروعات لزيادة الإنتاج الزراعي في دول الخليج غير أنها لم تكلل بالنجاح بسبب الطقس الصعب وندرة المياه وهو ما دفع السعودية إلى التراجع في عام 2008 عن مشروعها لزيادة إنتاجها من القمح والتخطيط للاعتماد الكلي على الاستيراد بحلول عام 2016.

بالمقابل شجعت دول الخليج شركاتها على شراء أراض صالحة للزراعة في الدول النامية، ومن هذه الشركات الظهرة التي يمتلكها مستثمرون إماراتيون ولكنها تعد شريكا للحكومة الإماراتية في إنجاز إستراتيجية الأمن الغذائي، غير أن إستراتيجيات دول الخليج لضخ أموال بغرض مواجهة تحدي الأمن الغذائي أبانت عن بعض المحدودية في السنوات القليلة الماضية، وذلك نتيجة تقلب سياسات الدول التي اشترت فيها أراضي.

نموذجان بأفريقيا

فشركة جنان الاستثمارية -ومقرها في أبوظبي- اشترت منذ 2007 أراضي زراعية في مصر مساحتها 67 ألفا و200 هكتار، وكان هدفها إنتاج الأعلاف لفائدة المواشي في الإمارات، إلا أنها واجهت مشاكل منها فرض الحكومة المصرية ضريبة تصدير بقيمة 43 دولار للطن، فضلا عن سلسلة من الإضرابات العمالية ونقص الوقود للآليات الزراعية، هذا الوضع أجبر شركة جنان كما يقول رئيس مجلس إدارتها محمد العتيبة إلى زراعة القمح بدل الأعلاف، وتوجيه الإنتاج للاستهلاك المحلي بدل تصديره للإمارات.

كما واجه الملياردير السعودي محمد العمودي مشكلات في إثيوبيا بعدما اشترت إحدى شركاته وهي شركة ستار قرابة عشرة آلاف هكتار في منطقة غامبيلا من أجل زراعة الأرز، غير أنه في أبريل/نيسان الماضي نصبت مجموعة مسلحة كمينا لعمال الشركة وخلف الحادث مقتل خمسة منهم.

المصدر الأصلي