أعرب منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط عن خشيته من "أننا نقف على حافة هاوية عميقة وخطيرة يمكن أن تغير مسار الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، إن لم يكن الشرق الأوسط ككل".
جاءت كلمة وينسلاند التي ألقاها عبر تقنية الفيديو من الدوحة اليوم الأربعاء، في جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية استمع خلالها أيضا إلى إحاطة من منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة الذي يزور المنطقة.
جاءت الجلسة بعد تصويت مجلس الأمن الدولي على مشروع قرار برازيلي حول غزة وإسرائيل. أيد المشروع 12 عضوا، وعارضته الولايات المتحدة وامتنعت روسيا والمملكة المتحدة عن التصويت. ولم يعتمد مشروع القرار بسبب استخدام الولايات المتحدة- العضو الدائم بالمجلس- حق النقض (الفيتو).
وفي كلمته أمام مجلس الأمن، ذكر تور وينسلاند أن هذه واحدة من أصعب اللحظات التي واجهها الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني خلال الـ 75 عاما الماضية.
وقال: "إن المذبحة وأعمال العنف والإرهاب الدنيئة التي ارتكبتها حماس ضد الإسرائيليين في 7 تشرين الأول /أكتوبر محفورة في ذاكرتنا الجماعية. عائلات بأكملها قتلت. نساء وأطفال تم اختطافهم إلى القطاع وما زالوا محتجزين حتى يومنا هذا. ليس هناك أي مبرر أو عذر لمثل هذه الأفعال الإرهابية، وأنا أدينها بشكل لا لبس فيه".
وقال السيد وينسلاند لأعضاء المجلس: "نحن في حرب والحروب مليئة بمشاهد مروعة من العنف والمآسي. الليلة الماضية، شاهدت برعب، وأنا متأكد من أنكم جميعا فعلتم ذلك، تقارير عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا في مكان من المفترض أن يكون موقعا محميا، مصانا من الخطر، ومكانا للشفاء. قُتل مئات الفلسطينيين - من المرضى والعاملين في مجال الصحة وأولئك الذين يبحثون عن مأوى - عندما تعرض المستشفى الأهلي في مدينة غزة لنيران قاتلة. إن ملابسات هذه الكارثة والمسؤولية عنها لا تزال بحاجة إلى توضيح، وسنحتاج إلى تحقيق كامل وواسع النطاق قائم على الحقائق، ولكن نتيجة كل هذا واضحة للغاية، سيدي الرئيس. إنها مأساة رهيبة لأولئك الذين أصابتهم".
اتساع رقعة الصراع
قال المنسق الخاص إن المجتمع الدولي فشل بشكل جماعي، بعد عقود من الصراع والاحتلال، في جلب الأطراف إلى الحل السياسي العادل والمستدام، وشدد على أن خطر توسع هذا الصراع الحالي "حقيقي للغاية وخطير للغاية".
وفيما يتعلق بالضفة الغربية ولبنان، قال: "يجب ألا يكون هناك سوء تقدير ولا استفزاز ولا خطوة تغلق الباب أمام جهودنا الحالية".
وقال المنسق الخاص إن أولويته المطلقة هي العمل على تقليل "هذه التهديدات الوجودية"، وهو على اتصال مستمر مع أوسع نطاق من الأطراف.
حل طويل الأمد
وقال المنسق الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط إن الدبلوماسية هذه الأيام "أمر صعب للغاية" وإن هناك حاجة لإتاحة الوقت والمجال لتحقيق ثلاثة أهداف أساسية:"الإطلاق الفوري وغير المشروط لجميع الرهائن من قبل حماس. ثانيا ويشكل سريع، السماح بوصول المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة دون قيود. والأمر الثالث يجب أن يكون بذل جهد جماعي لإنهاء الأعمال العدائية ومنع أي توسع إضافي للصراع في المنطقة".
وشدد السيد وينيسلاند على أن السبيل الوحيد "لوقف إراقة الدماء ومنع تكرارها" هو تمهيد الطريق نحو حل سياسي طويل الأمد، بما يتماشى مع قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي والاتفاقات السابقة.
تجسيد للأثر المدمر للصراع
أعرب وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس عن "فزعه وقنوطه" من الانفجار الذي وقع في المستشفى الأهلي المعمداني شمالي غزة.
وقدم منسق الإغاثة الطارئة - في إحاطته أمام نفس الجلسة لمجلس الأمن - خالص تعازيه "للعائلات المكلومة المتضررة من هذه المأساة المؤلمة". كما تمنى الشفاء العاجل لجميع المصابين.
وأضاف غريفيثس أن تلك المأساة هي "تجسيد للأثر المدمر لهذا الصراع على المدنيين، وعواقبه الكارثية إذا استمر في التصاعد".
وجدد التأكيد على أنه بموجب القانون الإنساني الدولي، يجب على أطراف النزاع المسلح حماية المدنيين والمنشآت المدنية، والحرص المستمر على الحفاظ عليها.
وقال المسؤول الأممي إن القانون الإنساني الدولي "يوفر حماية خاصة للعاملين في المجال الطبي والمرافق الطبية لضمان حصول الجرحى والمرضى على الرعاية الطبية التي يحتاجون إليها".
وأضاف أنه من الضروري أن تحترم الأطراف التزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، "ومن مسؤوليتنا الجماعية أن نستخدم كل نفوذنا لضمان قيامهم بذلك".
وتطرق غريفيثس إلى الخسائر التي تعرض لها القطاع الصحي، قائلا إنه منذ السابع من هذا الشهر قُتل 28 عاملا صحيا في غزة وأصيب 23، فيما تعرضت العديد من المنشآت الصحية لأضرار بالغة.
وقال إن الدمار الذي تعرض له المستشفى المعمداني وضع المزيد من الضغط على نظام الرعاية الصحية المتهالك في غزة.
وصول إنساني فوري وآمن
وقال منسق الإغاثة في حالات الطوارئ إن ما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر من توغل داخل إسرائيل واحتجاز للرهائن هو "خطأ ومناف للقانون وغير معقول وغير مقبول"، مجددا المطالبة بإطلاق سراحهم.
وتحدث عن نزوح أكثر من مليون مدني من ديارهم إلى أماكن أخرى في غزة قائلا إنه لم يعد لديهم مكان للهروب إليه من الدمار. وشدد على أنه "سواء انتقل المدنيون أو بقوا، يجب حمايتهم ويجب أن يتمكنوا من الوصول إلى الأساسيات للبقاء على قيد الحياة".
وأكد أن هذا الأمر يعني أن الأمم المتحدة وشركاءها في المجال الإنساني "يجب أن يكونوا قادرين على تقديم الإغاثة للمدنيين المحتاجين في جميع أنحاء غزة، دون عوائق".
وأشار إلى أن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية الأخرى لديها إمدادات إنسانية وفرق طبية وطاقم احتياطي على أهبة الاستعداد لمساعدة الأكثر احتياجا.
وأضاف غريفيثس "ما ليس لدينا وما نحتاجه بشدة، هو الوصول الإنساني الآمن والفوري لكل أنحاء غزة".
كما أكد أن هناك حاجة لمزيد من التمويل لمنظمات الأمم المتحدة - بما فيها الأونروا وبرنامج الأغذية العالمي - التي تقدم مساعدة طارئة للفلسطينيين.
وأكد أن ما يحتاجه الجميع الآن هو أن "تنتصر الإنسانية والعقلانية"، ولبذل جهود طارئة لمنع مزيد من الانحدار في هذه "الكارثة القاسية".
الوضع في الضفة الغربية
وقال المسؤول الأممي إن "غزة ليست المكان الوحيد المثير للقلق"، مشيرا إلى تدهور الوضع كذلك في الضفة الغربية.
وأضاف أن الأسبوع الماضي كان الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية منذ أن بدأت الأمم المتحدة في تسجيل الوفيات عام 2005، في حين ارتفعت حوادث عنف المستوطنين من ثلاث حوادث في اليوم في المتوسط إلى ثماني حوادث.
وقال إن "عمليات الإغلاق واسعة النطاق تؤثر في جميع أنحاء الضفة الغربية على قدرة المجتمعات المحلية للوصول إلى الخدمات الأساسية".
ونبه إلى أن هناك "خطرا حقيقيا من خروج الوضع عن نطاق السيطرة".