كشف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية (اوتشا)، نقلاً عن مصادر حكومية، عن وفاة 30 شخصاً على الأقل، وتأثر 50 ألف جراء انهيار سد اربعات بولاية البحر الأحمر يوم الأحد الماضي. فيما يدور جدل واسع في وسائل التواصل الاجتماعي بشأن أسباب انهيار السد وسط مخاوف من تفاقم أزمة المياه في بورتسودان التي تعتمد كلياً على مياه أربعات.

وقال عبد الله اوبشار القيادي في المجلس الأعلى لنظارات البجا لراديو دبنقا إنه تم العثور على جثث جديدة في مجرى الخور بواسطة فرق الإنقاذ، مشيراً إلى عدم وجود حصر كامل للمفقودين نظراً لأن عدد كبيراً منهم من المعدين الأهليين كما أن ركاب عدد من عربات اللوري التي جرفتها المياه ما زالت في عداد المفقودين. وتوقع أن تستغرق عمليات البحث والإنقاذ فترة طويلة بسبب اتساع مساحة السد والخور.

وتحولت بورتسودان بعد اندلاع الحرب إلى العاصمة الإدارية حيث تمثل المقر الرئيسي للحكومة كما تستضيف عدداً كبيراً من النازحين مما أدى للضغط على خدمات المياه والكهرباء.

يعتبر خزان أربعات مورد المياه الرئيسي لمدينة بورتسودان عاصمة ولاية البحر الأحمر. وتم انشاءه عام 2003، وتبلغ مساحة الخزان (4750) كلم ويشمل محبس خور أدروس ويبلغ طوله 160 كم.

ويبلغ طول دلتا أربعات 25 كم بينما تبلغ المساحة الصالحة للزراعة من دلتا أربعات حوالي 23,215 فداناً منها حوالي 9,285 فداناً يمكن زراعتها بالري الفيضي، وتبلغ المساحة المزروعة حوالي 2,400 فدان وأن 8000 فدان أخرى يمكن إضافتها للري الفيضي إذا تَوَافَرَت المياه.

وأشارت أوتشا في تقرير إلى أن خرق السد أدى إلى تجفيف خزان السد بالكامل، مما تسبب في أضرار جسيمة في الأرواح والممتلكات.

وأكدت اوتشا إن السد يعتبر منشأة حيوية لمدينة بورتسودان، حيث يعمل كمصدر أساسي للمياه العذبة للمدينة. وتوقعت أن يكون للأضرار المبلغ عنها تأثير كبير على إمدادات المياه إلى بورتسودان.

أزمة مياه وشيكة

وتوقع المهندس ميرغني موسى وزير النقل السابق في صفحته على فيسبوك أزمه مياه غير مسبوقة مع الفجوة مقابل الاستهلاك بعد انهيار السد.

بينما يرى عبد الله اوبشار القيادي في المجلس الأعلى لنظارات البجا لراديو دبنقا إن أزمة المياه بدأت بالفعل حيث بلغ سعر جوز الماء في بعض المناطق 1500 جنيه، وأشار إلى أن مدينة أربعات نفسها التي غمرتها السيول تعاني من أزمة خانقة في المياه بسبب تدمير معظم الآبار والأطماء الكثيفة المصاحبة للسيول.

وأوضح ميرغني إن ولاية البحر الأحمر تواجه كارثة إنسانية وبيئية كبيرة بعد انهيار سد أربعات وحوالي 60 بئر محيط، واجتياح المياه للقرى مبيناً أن السد يعتبر المصدر الرئيسي الوحيدة للمياه في الولاية.

وقال إن نزوح أعداد كبيرة تفوق أضعاف السكان السابقين إلى بورتسودان ضاعف الحاجة للمياه وأساسيات الحياة، مع عدم تقديم أي خدمات توازي التضاعف لتقليل وطأة الحمل على المدينة.

وطالب ميرغني بمعرفة الحلول الإسعافية العاجلة على الأقل في مجال المياه والصحة والبيئة خاصة مع استمرار فصل الصيف واقتراب الخريف، حيث الحاجة ماسة للمياه والمساعدات الإنسانية.

من جانبه قال أحد المهندسين لراديو دبنقا إن انهيار سد أربعات يؤدي إلى فقدان تمانين في الميه من المياه، وإن ما تبقى هو عدد قليل من الآبار في محيط منطقة السد مبيناً إن اعادة السد لوضعه الطبيعي يحتاج إلى وقت طويل ودعا بتشييد عدد من محطات تحلية لتسد العجز المائي.

فيما شكا مواطنون في وقت سابق عن ضعف في عمليات توزيع من سد اربعات إلى مدينة بورتسودان. وإن المياه كان يجري توزيعها بتناكر المياه.

وطمأن القيادي بالمجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة بشرق السودان رئيس لجنة الكوارث بالقنب والأوليب بامكار محمد الامين المواطنين بأن انهيار السد وطمر الآبار لن يؤدي إلى العطش مشيرا إلى أن المياه تجري بصورة مستمرة. ووعد بإعادة الأمور إلى وضعها الطبيعي خلال أسبوعين.

ولكن عبدالله اوبشار يرى إن إعادة السد لوضعه الأول أو انشاء سد جديد يستغرق وقتا طويلاً ربما يصل على عامين .داعياً المنظمات للتدخل العاجل وتوفير مصادر مياه بديلة.

أسباب الانهيار

قال مدير مياه ولاية البحر الأحمر المهندس عمر عيسى في تسجيل صوتي إن مياه الأمطار والسيول المندفعة بجانب الأطماء الموجودة داخل السد أدى إلى عملية ضغط لجسم السد وتسببت في انفجاره. وأشار إلى أن السيول الجارفة وصلت إلى الجبل المجاور وارتدت بعنف إلى جسم السد. وقال إن الطمي غطى المنطقة وتسبب في أضرار واسعة وأدى إلى تغير حتى في لون الاسفلت. كما أطاحت السيول الجارفة بأعمدة الكهرباء وخطوط المياه.

وقال أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة عباس شراقي إن سد أربعات في السودان مرتفع عن المدينة ويخزن 25 مليون متر مكعب من المياه.

وأضاف خلال تصريحات تلفزيونية أن سد أربعات في السودان سد بدائي ولا تجرى له صيانة، والفيضانات كانت أكبر من قوة تحمله.

من جانبه كشف عبد الله اوبشار القيادي في المجلس الأعلى لنظارات البجا لراديو دبنقا إن سد أربعات لم يشهد أي صيانة منذ 2017، فيما قال الباشا طبيق مستشار قائد الدعم السريع إن سبب انهيار سد اربعات هو التنقيب عن الذهب حيث وصل المنطقة القريبة من حائط السد فتسربت المياه عبر الحفر التي صنعها المنقبون فأطاحت بالسد .

من جهته طالب بكري الجاك الناطق الرسمي تنسيقية القوي الديمقراطية المدنية (تقدم) بتمليك المعلومات الكاملة حول أسباب هذه الكارثة الإنسانية خاصة ما حدث في سد اربعات والإفصاح ما إذا كان هذا الأمر نتيجة لعوامل طبيعية أو بشرية وتحديد أوجه القصور والمسؤوليات سواء أن كانت ذات طابع أداري أو جنائي واتخاذ الخطوات اللازمة.

وطالب في بيان جهات الأمر الواقع في أنحاء السودان المختلفة بالاضطلاع بمسؤولياتها تجاه سكان المناطق الواقعة تحت سيطرتهم ومسؤوليتهم.

أضرار كبيرة

ولفتت أوتشا إلى تأثر ما يصل إلى 50 ألف شخص يعيشون في المناطق الواقعة إلى غرب السد. وأن حوالي 70 قرية حول سد أربعات تأثرت بالفيضانات المفاجئة فيما تم تدمير 20 قرية منها.

ونبهت في تقرير إلى تضرر 13 ألف أسرة (65 ألف شخص) بالاتجاه الغربي لسد أربعات، كما تم تدمير وتضرر منازل حوالي 10 آلاف أسرة (50 ألف شخص). وأكدت على أن المتضررين يحتاجون بشكل عاجل إلى المياه والغذاء والمساعدات والمأوى. ونبهت إلى انهيار 84 بئرًا؛ وفقدان 10 آلاف رأس من الماشية والحيوانات وتضرر وتدمير أكثر من 70 مدرسة.

وقالت أوتشا إن عشرات الأشخاص ما زالوا مفقودين أو نزحوا. كما أدت مياه الفيضانات، التي تحمل كميات كبيرة من الطمي، إلى تدمير مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية وتسببت في أضرار جسيمة للبنية التحتية المدنية في جميع المناطق المتضررة.

وأوضحت إن بعض سكان القرى الواقعة أسفل سد أربعات أجبروا على الفرار إلى الجبال بحثًا عن الأمان، بينما تم إجلاء آخرين بعد أن دمرت مياه الفيضانات منازلهم وغمرت المناطق المتضررة.

خلفية

تم إنشاء السد لجمع وتخزين مياه الأمطار التي تتساقط خلال موسم الأمطار، وذلك لضمان توفر المياه على مدار السنة في منطقة تعاني من نقص في الموارد المائية. ويعتبر السد من أبرز الحلول التي اعتمدت عليها الحكومة السودانية للتصدي لمشكلة نقص المياه في المنطقة، خاصة بعد فشل الوعود الحكومة في توصيل مياه النيل إلى البحر الأحمر

وتتمثل أهمية سد أربعات في تأمين مياه الشرب، وعملية الري والزراعة ودعم الاستدامة البيئية حيث يساهم في تجميع المياه خلال فصل الأمطار مما يساعد على تقليل آثار الجفاف والتصحر

وواجه السد قبل انهياره إشكاليات تتعلق بالطي الذي غطى 80 في المائة من جسم السد وأدى إلى تقليل سعة بجانب نقص التخزين والتغيرات المناخية.

المصدر الأصلي

ثيمات
• إقليمي
• التشريد
• الحوادث
• الرعاة
• الفلاحين
• النازحين
• تدمير الموئل
• تغير المناخ
• حقوق الإنسان